طباعة

العدل في الإسلام شامل لبني الإنسان

Posted in الثقافة


وقد تعلم أصحاب النبي منه مبادئ العدل والقسط، وطبقوا ذلك في حياتهم حتى مع أعدائهم، ولنتأمل هذه القصة التي وقعت في عهده من بعض صحابته، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أفاء الله عز وجل خيبر على رسول الله، فأقرهم رسول الله كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة، فخرصها عليهم الخَرْصُ تقدير حق المسلمين من تمر خيبر، ثم قال لهم: «يا معشر اليهود، أنتم أبغض الخلق إليَّ، قتلتم أنبياء الله عز وجل، وكذبتم على الله، وليس يحملني بُغضي إياكم على أن أحيف عليكم، قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم، وإن أبيتم فلي»، فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض قد أخذنا، فاخرجوا عنا" [مسند أحمد، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط إسناده قوي على شرط مسلم].

وهذه شهادة من اليهود بحكم المسلمين بالعدل، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه مع بُغْضه لليهود؛ تحرى الحق والعدل معهم، وهذا من الإنصاف مع المخالف.

ومن مقتضيات العدل مع المخالفين ذكر محامد المخالف ومحاسنه، ومن ذلك ما ذكره النبي في النجاشي حين أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة البيهقي في السنن الكبرى وصححه الألباني، وقد ذكر لهم صدقه وعدله وأنه لا يظلم، والنجاشي كان نصرانيًّا آنذاك.

ومن مقتضيات العدل والإنصاف أيضًا مع المخالفين قبول الحق منهم، ومن ذلك ما جاء عن "قتيلة" امرأة من جهينة، أن يهوديًّا أتى النبي فقال: «إنكم تندِّدون وإنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون والكعبة، فأمرهم النبي إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة، ويقولوا ما شاء الله ثم شئت» [أخرجه النسائي في الأيمان والنذور وصححه الألباني].

وعن عائشة رضي الله عنها أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: «أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله عن عذاب القبر، فقال: نعم، عذاب القبر، قالت عائشة رضي الله عنها فما رأيت رسول الله بعدُ صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر» زاد غندر: «عذاب القبر» [حق البخاري].

ففي الحديثين تأكيد لقبول الحق بغض النظر عمن صدر منه هذا الحق، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: "والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلاً عن الرافضي قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق" [منهاج السنة النبوية].

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed