طباعة

سيكولوجية المدير والسكرتيرة

Posted in المجتمع

ليس هذا فقط بل أنها ترعاه وجدانياً فتخفف عنه إذا كان فى حالة ضيق ، وتأتى له بفنجان القهوة إذا شعر بالارهاق ، وتعدل درجة حرارة الغرفة وتعتنى بجمال ونظافة المكان الذى يجلس فيه وتواسيه إذا كان حزيناً ، وربما تداعبه بكلمة إذا كان فرحاً … وهكذا تواكب وترعى كل احتياجاته العملية والوجدانية بشكل رقيق وهادئ ، وهى تتحرك طول الوقت فى حيوية ونشاط وتدفق ، فالعمل بالنسبة لها – كما هو بالنسبة للمدير - هو حياتها لأنها تجد فيه اشباعاً لكل احتياجاتها لذلك تكون فى أحسن حالاتها الجسمانية والوجدانية فى وقت العمل .

واذا كان الاثنان (المدير والسكرتيرة) يكونان فى أحسن حالاتهما فى العمل ، وكل منهما يعطى الآخر ما يحتاجه بالشكل الذى يريحه ، ويقضيان أغلب وقتيهما فى العمل ، فإنه من الطبيعى أن تنشأ علاقة ايجابية بين الاثنين نتيجة لذلك الارتباط الشرطى الذى يحدث لكلما التقيا . وهذه العلاقة الايجابية ربما تتطور إلى ما هو أكثر من ذلك طبقاً لاحتياجات المدير أو احتياجات السكرتيرة أو احتياجاتهما معاً ، فالمدير يشعر بحرمان عاطفى نتيجة تحول زوجته إلى أم وخادمة ونتيجة حرمانه فى فترة كفاحه ، وهو يقارن بين زوجته التى أنهكتها السنين وواجبات البيت والأولاد وبين السكرتيرة الشابة المليئة بالحيوية والنشاط والمشاعر (رغم سطحيتها) . والسكرتيرة من جانبها تطمح إلى مركز المدير وشخصيته وماله ونجاحه ونجوميته فلا مانع لديها من تلك الصفقة التى تعطيه فيها شبابها مقابل كل هذا ، ولا يهم فارق السن فعلى الرغم من أن المدير فى الخمسين من عمره إلا أنه يبدو شباباً ، بل هو يتفوق على الشباب فى نضجه ونجاحه واستقراره .

وإذا وصلنا إلى هذه النقطة وقع المحظور وتحولت علاقة العمل إلى علاقة خاصة تنقلب فيها الأمور حيث تمتلك السكرتيرة قوة وتأثيراً على قلب المدير وبالتالى على حياته وقراراته ، ويصبح المدير مسيراً برغباتها وأمنياتها ويؤثر ذلك كثيراً على نجاحه فى العمل لأن الوضع انقلب حيث اصبحت هى التى تحركه من خلال ملكيتها وسيطرتها على احتياجاته الوجدانية . يضاف إلى ذلك ما يعانيه المدير من صراع بين اخلاقياته واحتياجاته ، وبين زوجته وأولاده من ناحية وبين السكرتيرة من ناحية أخرى ، وهذا الصراع يؤثر كثيراً على تركيزه وعلى فاعليته فيبدو مشوشاً مضطرباً .

ولذلك فهم قد انتبهوا فى الدول الأكثر تقدماً إلى هذا الجانب ، فحين تتحول العلاقة بين المدير والسكرتيرة من علاقة عمل إلى علاقة خاصة ، فلابد من تغيير أحدهما لأن مصلحة العمل فوق الجميع . اما فى المجتمعات النامية فإن الأمر يتوقف على درجة نضج المدير ، حيث إذا كان ناضجاً ورأى الأمر على حقيقته وعرف أن جزءاً كبيراً مما يراه من السكرتيرة ليس هو حقيقتها ، ولو أراد معرفة الحقيقة فلن يتاح له ذلك إلا من خلال صورتها حين تعود لبيتها فتصبح إنسانه مرهقة خاملة عصبية حادة ، وأنها حين تصبح زوجة له – كما يريد - فسوف تتحول (أو يحولها هو) إلى صورة أقرب إلى (وربما أسوأ من صورة ) زوجته .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed