البوابة
الحالة النفسية للطفل مجهول النسب
مرحلة المراهقة : وتحتد الأزمة فى فترة المراهقة حين يتأكد المراهق أنه مجهول النسب , خاصة أن هناك مايسمى بأزمة الهوية يمر بها كل مراهق لتتحد كينونته وأهدافه وتوجهاته فى هذه المرحلة من العمر , وإذا كان المراهق العادى يمر بهذه الأزمة مع بعض الصعوبات المحتملة فإننا نجد أن المراهق مجهول النسب يعانى بشدة فى هذه المرحلة لأن أصل الهوية الشخصية والعائلية مفقود فهو لا يعرف من أبيه , وبالتالى لا يعرف إلى من ينتمى , فى الوقت الذى يرى أقرانه ينتمون إلى آبائهم ويفخرون بانتسابهم لعائلاتهم , أما هو فيشعر أن الأرض قد غارت من تحت قدميه , فلا توجد أرض صلبة يقف عليها فهو أشبه ببناء بلا اساس . والهوية مطلب أساسى بالنسبة للإنسان , وهى حين تكون غامضة أو مضطربة أو مشوهة تجعل البناء النفسى هشا أو مشوها . ولا يتوقف الأمر لدى الطفل أو المراهق مجهول النسب عند عدم معرفته بأبيه وإنما يزيد على ذلك نظرته لأمه التى أنجبته من علاقة خاطئة ولم تهئ له مقدما طبيعيا لهذه الحياة , وهنا تتكون لديه مشاعر متناقضة نحو أمه , فمن ناحية هى مصدر الإنتماء الناقص والوحيد له وأيضا مصدر الرعاية ( إن كان ثمة رعاية ) وفى نفس الوقت هى مصدر الوصمة الإجتماعية وعدم الإحترام له ولها , ولهذا نجد أن مشاعره يختلط فيها الحب بالكراهية والغضب والإحتقار والعتاب والإحتجاج , وهذه المشاعر المتناقضة ليست فقط من الطفل أو المراهق تجاه أمه وإنما هى تسير أيضا من الأم تجاه ابنها ( أو ابنتها ) فعلى الرغم من الحب الأمومى الفطرى إلا أن هناك مشاعر رفض وتورط , فهذا الإبن ( أو الإبنة ) يعلن عن الخطيئة ( أو الخطأ ) ليل نهار أمام كل الناس , كما أنه يمثل جزءا من هذا الأب الذى استغل الأم وأخذ منها ما أخذ ثم تركها تواجه عواقب هذا الفعل وحدها وتعانى من آثاره هى وابنها مستندا فى ذلك إلى نصوص قانونية تحميه فى الدنيا ولا تنفعه فى الآخرة , كما أن هذا الطفل قد يعوق زواج أمه ويصبح عقبة فى طريق حياتها .
وقد وجدت الأبحاث أن الأطفال مجهولى النسب تزيد بينهم الإضطرابات الإنفعالية والسلوكية , مثل السلوك العدوانى والسرقة وصعوبات التعلم ,وهذه الإضطرابات لها جانب وراثى وجانب مكتسب , أما الجانب الوراثى فيعود إلى النشأة البيولوجية لهذا الطفل , فقد وجد أن النساء اللائى يحملن سفاحا يكنّ أقل ذكاءا على وجه العموم حيث يتراوح ذكاءهن من 83 إلى 96 ( الذكاء المتوسط من 90 إلى 110 ) , وهنّ من طبقات دنيا فى الأغلب , وأما الجانب المكتسب فقد وجد أن الحمل سفاحا يرتبط بسمات مرضية فى شخصية المرأة يمكن أن يكتسبها الإبن أو البنت مثل الإندفاع والمخاطرة والتقلب الإنفعالى وعدم تقدير العواقب . كما أن الجو النفسى الذى ينشأ فيه مجهول النسب منذ بداية حمله – كما ذكرنا – يعطى دائما تأثيرات سلبية على السلوك .
والسؤال المحير فى هذا الموضوع هو : متى وكيف نخبر هذا الطفل عن نسبه ؟
والإجابة تتوقف على عوامل كثيرة , ولكل حالة السيناريو المناسب لها , ولكن الخبرة أثبتت أنه من الأفضل إخبار الطفل فيما بين الثانية والرابعة من عمره بشكل بسيط يستوعبه عقله الصغير , فيقال له أن أبوه قد ذهب بعيدا وأن من يقوم على رعايته يحبه ولن يتخلى عنه أبدا , وذلك حتى لا يعلم الطفل بحقيقة نسبه من خارج الأسرة فيشعر عندئذ أن من يقومون على رعايته قد أخفوا عنه الحقيقة . وليس من المفيد إخباره بتفاصيل الأمر لأن ذلك قد يؤدى إلى كراهيته للأب الذى غرر بأمه ثم تخلى عنها ويؤدى إلى نظرة احتقار لأمه , كما لا يجب تلفيق قصص وهمية , وإنما يكتفى – كما ذكرنا – بذكر أن الأب قد ذهب فى سفر بعيد وربما لا يعود .